اللجنة العلمية - إشراف الشيخ محمد عبد العزيز أبو النجا الخبير بمجمع فقهاء الشريعة وعضو الاتحاد العالمي بالمجلس الإسلامي للدعوة والإغاثة
الحمد لله، والصلاة، والسلام على رسول الله،
وعلى آله، وصحبه، أما بعـد ،،، -ففي
صحيح مسلم عن
عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: "خَطَبَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ يَوْمًا بَعْدَ
الْعَصْرِ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وَبَدَتِ النُّجُومُ، وَجَعَلَ النَّاسُ
يَقُولُونَ: الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ، قَالَ: فَجَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ،
لَا يَفْتُرُ، وَلَا يَنْثَنِي: الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:
أَتُعَلِّمُنِي بِالسُّنَّةِ؟ لَا أُمَّ لَكَ ثُمَّ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ،
وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ». قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ شَقِيقٍ: فَحَاكَ فِي
صَدْرِي مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، فَأَتَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، فَسَأَلْتُهُ فَصَدَّقَ
مَقَالَتَهُ" [1] . -وروى
مسلم أيضاً في صحيحه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: "جَمَعَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ
بِالْمَدِينَةِ، فِي غَيْرِ خَوْفٍ، وَلَا مَطَرٍ" فِي حَدِيثِ وَكِيعٍ: قَالَ:
قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ؟ قَالَ: "كَيْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ"،
وَفِي حَدِيثِ أَبِي مُعَاوِيَةَ: قِيلَ لِابْنِ عَبَّاسٍ: مَا أَرَادَ إِلَى ذَلِكَ؟
قَالَ: "أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ".[2] - وفي الحديث الأخير بين ابن عباس -رضي الله
عنهما- العلة في هذا الجمع، وهو رفع الحرج عن الأمة، وبه أخذ بعض الأئمة؛ فجوز
الجمع للصلاة للحاجة كالمرض، أو الحاجة الشديدة. أما الجمع دائماً لغير سبب فلم
يقل أحد منهم بجواز الجمع المؤدي إلى تقديم الصلاة عن وقتها، أو تأخيرها عنه لغير
عذر؛ بل عدوا ذلك من كبائر الذنوب، - وأما الجمهور؛ فحملوا الجمع المذكور في حديث
ابن عباس من قوله، وفعله على أنه جمع صوري بأن تؤخر الصلاة الأولى إلى قرب دخول
وقت الصلاة الأخرى فتصلى، وبعد الانتهاء منها يدخل وقت الصلاة الثانية، فتصلى في
أول وقتها. -وإذا كانت هذه هي أقوال أهل العلم في هذه
المسألة؛ فاعلم أن الأصل هو أن تصلي كل صلاة في وقتها وتحافظ على ذلك، فهو رأس
مالك، وتأخذ بالعزم في أمور دينك عموماً، وفي هذه المسألة العظيمة خصوصاً، إبراءً
لذمتك، وعملاً بمذهب الجمهور، وإن اضطررت في بعض الأحيان إلى الجمع بلا قصر للحاجة،
أو للمرض، أو المشقة الشديدة على ما ذهب إليه بعض أهل العلم كما رأيت، فلا حرج
عليك أن تجمع، ولا تتخذ ذلك عادة مع الرجوع لأهل العلم في تقدير حاجتك ومشقتك. والله تعالي أعلى، وأعلم.
الفتوى السابق حكم لبس البنطلون، والقميص | الفتاوي المتشابهة | الفتوى التالي جمع الصلاة بلا مرض ولا سفر |